Friday, March 26, 2010

الكلمات المستخدمة في فن الهرتلة .. دليلك لفهم لغة "الطرقعة"


هي كلمات غريبة تبدو وكأنها شفرات سرية يتحدث بها الشباب بين بعضهم بعيداً عن كلمات أو لغة أصبحت بالنسبة إليهم رمزاً لعدم التطور في عصر "الفيس بوك" و "البلاك بيري"، إضافة إلى أنها تمنحهم شعوراً بالخصوصية و التميز و الإختلاف بعيداً عن واقع روتيني لا يملئه إلا كل ما هو متحجر، ووسط اتهامات بالتفاهه و الهيافه و الثقافة
الضحلة من جانب مجتمع يحيط بهم.

فور سماعك إحدى تلك الكلمات من الممكن أن تنتابك نوبة من الإستغراب و الدهشة، أو شعور بأنك تعيش في عالم آخر على بعد آلاف السنين من أولئك الشباب "الجامد فحت" أو "العيال النايتي".

لا يمكن القول أن هناك مصدر محدد أو منبع رئيسي يخرج بتلك الكلمات "المطرقعة" إلى الحياة ومن ثم تتناقلها الألسنة، ولكن يمكن القول أن أكبر سوق يشهد تداول لهذه الكلمات هو أي تجمع شبابي في الجامعة أو المدارس أو الشارع أو النوادي، لتعلب السينما بعد ذلك دور مهم في ترويج تلك الكلمات بين عدد أضخم من الشباب.

حاولت في هذا الموضوع "زنجفة" بعض الكلمات و العبارات التي قد تكون مفيدة لأولئك الذين قد يسمعونها و لا يعرفون معناها، حيث تبدو لهم تلك الكلمات "غريبة مُلّه"، وليست إلا أحد أوجه "الهرتلة" الإجتماعية التي نحياها.
فاذا كنت في حاجة للتعبير عن اعجابك الشديد تجاه موضوع عام أو فكرة محددة أو أي شئ تراه مدهشا فيمكنك الإختيار بين "جامد تنين" أو "جامد فحت"، "جاحد آخر حاجة" "في الجووون" أو "جامد فتيق" و "حوار جامد هبل السنين".

وإذا كان الكلام الذي تسمعه من فصيلة الكلام الجميل المعقول اللي مش ممكن تقول حاجة عنه، فيمكنك قول "ده كلام خس"، وإذا كان الكلام مش خس فتأكد أن المتحدث هو "عيل فصيل"، ويطلق هذا المصطلح على ذلك النوع من البشر الذي يستطيع مجرد ظهوره سحب كل ذرة أوكسجين من المكان، وبعبارة أخرى فهو "شخص أومليت" و تحتوي عباراته على الكثير من "القلش الرخيص"، ومن الآخر "الواد ده حمضان".

وفي محاولات التهرب و التخلص من الأخ "الفصيل" أو "البرشوط" و "الخنيق" اطلب منه فوراً أن "ينزل من على ودانك" ولو منزلش قوله "فكك مني" أو "فكك من اللي يشكك".

وأثناء حديثك مع أحد الشباب "المهيبر" بالتأكيد ستسمع كلمات تبدو غريبة ولكنها لطيفة ومقبولة، فاذا كان الحديث في سياق ترتيب خروجه أو نزوله فسيسألك "إيه النيز" وهي اختصار لإيه النظام، وهناك أجوبة معدة سلفاً للرد على سؤال "إيه النظام"، مثل "تكسير عظام" أو "فانوسين و اكصدام" أو أي حاجة آخرها "آم"، وهي كلها اجابات على سبيل "القلش" أو "الهلك" أو بمعنى أدق "الإستظراف".

وبما أنك خارج عشان "تشهيص" يعني تروق نفسك و مزاجك، لا يمكن أن تكتمل الليلة بدون "كاشات" أو "بنك نوت" أو "كام جوندي"، وهو الاسم الجديد للجنيه، فيجب الإطمئنان على حالة الكاشات و بالتالي تحديد مكان الخروجه التي ستحدد حجم "الشهيصة" التي ستحصل عليها، ليكون السؤال هو "مكّيش ولا مخيّش؟"، فإذا كنت مكيش دوس يا معلم، و إذا كنت مخيش قضيها "بي إس" (بلاي ستيشن) في البيت عشان تبقى "مليطة"، ومليطة هي حالة "الفوضى الصاخبة" أو "العك الهادف"!

وإذا كانت الدماغ مش "طالبة" خروج، فستكون الكلمة المناسبة للتعبير عن حالة البقاء في البيت هي "مأنتخ" أو "مفخد" أو "مستكنيس".

وفي التعاملات اليومية في حياة الهيبرة، هناك الكثير من الكلمات ذات الدلالات المختلفة على الرغم من تشابهها ببعضها، فعلى سبيل المثال كلمة "فاكسان" تعني "فاشل" أو "بلا قيمة" أما كلمة "افتكاسة" فلها معناًً مختلف تماماً، فهي تشير إلى شئ جديد أو أي حاجة "مطرقعة"، وإذا لم تعجبك هذه الطرقعة يبقى "فاكس يا عم" وفكك من العيال "السيس"، يعني فرافير، و لو الحوار "جامد موز" يبقى "الأداء أصلي" و"من الآخر".

ولو حد قالك "أبجني تجدني" يبقى فكك منه "وش" يعني "فوراً أو بسرعة"، لأنه هيكون عايز يطلّع منك أي "حملجة" وحملجة يعني مصلحة، وفي أغلب الأحيان بيكون الشخص المحملج "شاب منفسن" أو "نفسية"، وإذا أردت التخلص من هذه النفسيه يبقى لازم "تكحرته" وتقوله "قصر" عشان "يلخص" وما "يحورش"، واطلب منه أن "يرسيك على التيته" و التيته هي الخلاصة أو الزبدة، وإذا "أفور" يعني زودها في الرغي، يبقى مفيش غير انك "تفلّق" و"تكبّر دماغك" ولسان حالك يقول "شت طحن" أو "شت موت" تعبيراً عن حالة الغضب و الإستياء.

Wednesday, March 10, 2010

سقفة للنمس


صلعته المميزة أصبحت سمته الأساسية منذ نحو 3 سنوات، لا أحد يعلم ما هو سر حبه الكبير لمظهر الرأس الأصلع، إلا أن هناك كثير من التفسيرات حول هذا الموضوع، أهمها أن هذا المظهر أفضل من شكل الرأس منقوصة الشعر من وجهة نظره، و أطرفها هو استمتاعه بمواصفات "الأقرع و النزهي" في آن واحد.

تعكس هيئته الخارجية طيبة داخلية يستطيع استشعارها حتى من لا يعرفونه عن قرب، وهو ما يفسر علاقاته الإجتماعية المتعددة التي تجمع عدد كبير من الأصدقاء الذين أصبحوا أصدقاء لأناس آخرين، وخصوماً لأصدقاء مقربين، إلا أن صداقته تظل هي العامل المشترك بين الجميع.

غضبه قليلاُ ما يظهر، ولا أحد يستطيع وصفه بالعصبي، ابتسامته هي عنوان وجهه، وعباراته التي ينتقيها بعناية من الأفلام أو الأغاني، والتي يظل يرددها لفترة من الزمن بهدف الإستفزاز، تتحول فيما بعد إلى جملة لطيفة يرددها أصدقائه على سبيل الفكاهة أحياناً وعلى السبيل السخرية أحياناً أكثر.

استقباله الساخر والمتهكم للموضوعات الجادة وغير الجادة يثير غضباً مصطنعاً من جانب المحيطين به، إلا أنهم يخفون بداخلهم شعوراً بالراحة بعد بأن يستطيع بنجاح تهوين الأمرعليهم.
شعوره الدائم بالمسئولية الأخوية تجاه أصدقائه جعلت اعترافاته عن نفسه نادرة، فعادة ما يكون مستمع وقليل جداً ما يكون
متحدث، وهو ما يبرر حالة الترقب التي يعيشها أصدقائه أملاً في الحصول على معلومة مخابراتية عن حياته العاطفية!

ميوله الشعبية التي لا تتفق مع مبادئه الإجتماعية تظهر جلياً في حبه "الصادق" لجلسة المقاهي "البلدي" والأكل من عربات الفول ووجبة "الطبق المشكل" من انتاج فكهاني اللحوم المشكوك في هويتها "بحه"، وبالرغم من تلك الشعبيات إلا أنه لا يفضل الإستماع للأغاني الشعبية ولا يعترف بأنها لون من ألوان الموسيقى، كما أنه يرفض الإستماع للموسيقى الغربية على اعتبار أنها غير مفهومه!

بوادر الإهتمام بالثقافة و السياسة بدأت تظهر على تفكيره مؤخراً، وهو ما أثار موجة من السخرية و التهكم لما عرف عنه من عدم الجدية و الإكتراث بتلك الموضوعات طوال حياته، والإكتفاء بحفنة من الكلمات البذيئة التي أصبحت لا تفارق لسانه للتعبير عن حالة من عدم الرضا عن أحوال البلد.

إلا أن حوالي سنة ونصف من العمل في احدى الشركات الأجنبية في القاهرة وضعت قدماه على شواطئ بحر من الفساد المالي و الإداري الذي تغرق فيه البلد منذ فترة ليست بقصيرة، وهو ما حفزه لمعرفة المزيد عن ذلك الفساد و أسبابه وطرق القضاء عليه.

ولكن تصوراته لتلك الحلول كانت محل استغراب و رفض من جانب قطاع كبير من المحيطين به، فطريقته المفترضة لعلاج الفساد تقوم على فكرة أشبه ما تكون "بالجاسوسية" على طريقة رأفت الهجان مع اختلاف الأهداف ووسيلة تحقيقها.

فهو يرى أن خير وسيلة لمحاربة الفساد هي دخول عالم الفاسدين و المفسدين والمشاركة في مسلسل الكذب و الإدعاء
ومحاولة تغييره عن طريق المشاركة الإيجابية، بدلاً من المواجهة عديمة الجدوى مع المسؤولين عن الفساد والتي تعتمد على حرب الشعارات و الخطابات المكررة و المملة التي تتغذى عليها عناكب أحزاب المعارضة التي عششت على جدران السياسة المصرية المهترئة. وهي الطريقة التي اعتبرها غالبية المقربين منه دليلاً على عدم وعي سياسي وثقافي، بالإضافة إلى أنها تبدو "سذاجة سياسية".

لم تنجح ساعات من النقاش حول ذلك الموضوع في اثناءه عن المشاركة ودخول عالم الفساد و الإفساد من أوسع و أشهر وأقدم أبوابه المتمثل في الحزب الحاكم، بل تحولت تلك النقاشات مع الأصدقاء إلى ساعات من الجدل العقيم حول فساد النظام، ليواجه هو تلك الهجمات المتتابعة على فكرة انضمامه لمنظومة الفساد بعبارة انتهت صلاحيتها منذ عشرات السنين
في الدول الديمقراطية وهي "الفساد في كل مكان في العالم".

ليأخذ النقاش منعطفاً آخر ويبدأ أصدقائه تسديد عدة طعنات لثقافته السياسية التي لا تؤهله لخوض مثل تلك النقاشات، من وجهة نظرهم.

وبعيداً عن حالة المراهقة السياسية التي يعيشها، ستجده شخصاً ذو اهتمامات طفولية إلى حد كبير، وهو ما ينطبق على عدد لا بأس به من أبناء سنه، حيث لا تتعدى تلك الإهتمامات حدود البلاي ستيشن وتبادل الأفلام الطازجة التي تم اصطيادها من شبكة الإنترنت قبل أن تصل إلى دور السينما.

وبالرغم من طفولية تلك الإهتمامات التي يمارسها تقريباً بشكل يومي، إلا أن نوبات من التفكير العميق و الجاد تصيبه من وقت لأخر، تتعلق أغلبها بالمستقبل، خاصة إذا ما اقترن ذلك بالشعور الذي بدأ يراوده مؤخراً حول سنوات عمره القادمة، فهو يرى أن دخول العام السادس و العشرين بمثابة عبور مصيري إلى المستقبل، إلا أن كل تلك المخاوف سرعان ما تختفي
أمام إيمانه بأنه لن يصيبه إلا ما كتبه الله له.

وأخيراً إذا أردت تحيته أو وداعه فما عليك سوى ارسال تحياتك الصادقة وسلاماتك الحارة إلى "ماما"!


Tuesday, March 2, 2010

أن تكون "سفنجة" لمدة سبع ساعات!


عندما يكون مرتب دكتور يعمل في معمل أبحاث علوم الأنسجة القابع على سطح كلية طب الأسنان لا يتجاوز 380 جنيه، بالطبع ستعرف بدون أدنى مجهود عقلي مكان النقطة التي أتحدث عنها على الخريطة.

يسألك إعلان في ميدان التحرير "ليه بنحب مصر؟" فتبدأ محاولات الإجابة التي تبدو للوهلة الأولى إجابة سهلة ومحددة أمام عينيك وبعد ثوان معدودة تكتشف أن السؤال صعب بل انه قد يكون من خارج المقرر.

مقرر حياتك اليومية التي تبدأ بزحام مروري يصيب خلايا عقلك الذي لم يخمد طوال الليل من التفكير في المجهول بحالة من الإرهاق وكأنك خارج لتوك من أعمال بحثية استغرقت كل ذرة تفكير يستطيع تقديمها عقلك.

بعد حالة من الإنهاك، تبدأ في الإندماج في العمل لاعناً تلك الأوجه التي تنظر اليك على أنك من كوكب آخر غزوت أرضهم فجأة لتبني مستعمرتك الخاصة، وعلى الرغم من تلك النظرة فستجد التحية سبيلاً للوصول إلى أذنيك فترد التحية في اللحظة التي يشعر فيها قلبك بحالة من الخوف و القرف في اللحظة نفسها.

بعد حوالي خمس دقائق تتوزع ثوانيها على عمل "تشك" للإيميلات الثلاث و الإطمئنان بشكل سريع على حالة "الفيس بوك" هذا الصباح، تبدأ المكالمات الصباحية في تحميلك مسؤوليات وكأنها الجبال قد حطت فجأة على صدرك.

تبدأ الأوجه التي لم تفلح ثلاث سنوات من العمل معها و مزاملتها في تقريبها إلى قلبك أو حتى عقلك في التوافد على مكاتبها وكانها محمولة على النعوش التي ستضعها في القبور حتى يوم القيامة.

أسئلة روتينية ليس لها اجابة حتى هذه اللحظة تترامى على شواطئ مسامعك، حالة من التوهان الممزوج بالإحباط و القلق تسيطر على جدران الجريدة والصحفيين بداخلها، كل يلعن حظه الذي أوصله للكرسي الذي يحمله، فيما وصل زميل آخر لمرحلة التنفيض التام و الهلك الزئام، ويحسدك الجميع على ماوصلت له من منصب في الجريدة ظناً منهم أنك من الأخيار لدى رئيس التحرير.

يقترب موعد رسم الصفحة فيزيد التليفون من بخاته المزعجة و المقلقة في الوقت نفسه، يخرج من سماعته صوت غاضب يتسائل عن موضوع تم تسليمه بالفعل يوم أمس ولكن العتب على النسيان! يواصل الصوت الغاضب اختراق سماعة التليفون بحثاً عن أي مبرر آخر لزيادة الغضب ورفع الصوت استعداداً لإغلاق السماعة فجأة.

تقنع نفسك بأن تتحول إلى "سفنجة" لتستطيع امتصاص أي كائن سائل أو لزج من الموجودين بوفرة في الجريدة، لتدخل في حالة من الإنخراط التام في العمل متجاهلا التيارات الكهربائية التي تملأ الأجواء الملبدة بدخان السجائر الرديئة التي يلتهمها الصحفيين بشراهة غريبة وكأنها سبب بقائهم على وجه الحياة أو بشكل أدق على "قفاها"!

تواصل العمل متنقلاً بين القسم و مكتب رئيس التحرير و غرفة الإخراج الفني في محاولة يومية فاشلة لإنهاء العمل و تجهيز الصفحة في أقل وقت ممكن، وتستمر عقارب الساعة في لدغك عدة مرات إلى أن تنجح في عبور منطقة الساعة الثانية و النصف بنجاح منقوص يتخلله عبارات و ايماءات عدم الرضا عن الأداء العام لا لشئ سوى مواظبة على الممارسة اليومية لهواية "الرخامة".

تعود إلى مكتبك بالقسم وسط مخاوف من ظهور مصيبة من النوع العاجل التي تصيب الجريدة بحالة هلع و كأن قنبلة موقوتة في انتظار من ينزع فتيلها، تحاول سرقة بعضاً من الهدوء الذي حرمه رغي الزملاء من الوصول إلى القسم، ومحاولات جادة للإبتعاد عن الحوار الدائر في القسم والذي عادة ما يكون عبارة عن شائعة انطلقت مؤخراً إما بقرب جولة تعيينات جديدة أو نقاش حول مزاعم جديدة تخص زيادة المرتبات.

تمر الدقائق متثاقلة حتى تصل إلى الخامسة فتحمد الرب على نعمة الإبتعاد عن ذلك المكان و الإستمتاع برؤية وجوه أخرى تحبها و تفضل الحديث معها ولها، بينما يتسائل تفكريك عن موعد الرحيل الأبدي عن تلك الجدران ليرد عقلك على الفور باجابته الفورية المملة بأن الأيام بتجري بسرعة على الرغم من أنها لا تستطيع الجري أصلاً!